التفكير الاستراتيجي


لوهلة وأنت تقرأ العنوان ظننت أن الموضوع لا يهمك كثيرا وهو قد يخص مدراء الشركات أو من يتبوأ مناصب قيادية , وهذا صحيح في مجمله لكن في تفصيله ليس صحيح , بعد أن تكمل قراءة المقال بعون الله ستحدد حينها هل هو يهم كل شخص أم فئة محددة من الناس . 


ما هو التفكير : في تعريف مبسط هو كل ما يقوم العقل الواعي بفعله . 

وما هي الاستراتيجية : هي خطوات لتحقيق أمر معين . 


والتفكير الاستراتيجي مهارة مهمة للجميع وتزداد أهميتها عندما تسعى للحصول على هدف محدد في حياتك سواء على الصعيد المهني أو الشخصي . والجميع يطالبك بالتفكير بطريقة استراتيجية وكتابة الخطوات والأهداف خاصة إذا كنت في منصب قيادي في عملك , لكن لا أحد يخبرك كيف القيام بذلك ! 


في الواقع منذ طفولتنا ومن حولنا يخبروننا كيف عمل الأشياء بشكل صحيح وماهي الخطوات , كذلك في العمل يتم تدريبك كيف ترسل إيميل وفق طريقتهم وكيف تكتب التقارير وكيف تنفذ الأعمال المكتبية , لكن ماذا كان سيحدث لو كنا نسأل في كل مرة هل هنالك طريقة أفضل للقيام بذلك ؟! 

وإذا واصلت السير بنفس الطريقة في حياتك أو عملك فسوف تتوقف عند قدر محدد من المعرفة وبمعنى آخر أن الناس ستتوقف عن مساعدتك في كثير من الأمور وخاصة في حياتك المهنية 

كما قال مارشال جولدسميث ، "ما أتى بك إلى هنا لن يوصلك إلى هناك."

ما هو مفيد في حياتك هو تبني التفكير الاستراتيجي إنها مهارة عليك صقلها وعدم التهاون فيها وتظن أنها فقط للمدراء والقادة .


بادىْ الأمر التفكير الاستراتيجي ليس نشاط تقوم به مرة واحدة في حياتك , بل هو عادة يجب أن تمارسها بشكل مستمر وتنميها وتقويها .


من أفضل الأشياء لتنمية عقلية الاستراتيجي هي الأسئلة عن المسلمات , والتشكيك فيها , يقال أن الطفل قبل أن يبلغ من العمر 6 سنوات يسأل في اليوم الواحد أكثر من 200 سؤال , وهذه الأسئلة تكون مستفزة جداَ للوالدين ولمن حوله لكنها تساعد عقله في النمو بشكل كبير , وطريقة إجابة الوالدين على هذه الأسئلة تؤثر بشكل كبير على تجارب الطفل واتخاذه لبعض القرارات الصغيرة . السؤال في حد ذاته ليس هدف لكن الإجابة هي مربط الفرس فلربما تم اكتشاف أشياء جديدة أو التنفيذ بطرق مبتكره وكفاءة أعلى .


والأمر الآخر الذي يساعد في بناء عقلية الاستراتيجي هي المراقبة والتحليل , ولا أقصد التطفل على الناس واقتحام خصوصيتهم بغرض المراقبة والتحليل , ولكن مراقبة يومك وكيف يسير وكيف تنجز الأمور . 

كل يوم متى تستيقظ ؟ ومتى تكون في أفضل أوقاتك ؟ وحياتك المهنية كيف تسير؟ 

والكثير من الأسئلة التي تتعلق بيومك ومن خلالها يمكنك تحليل يومك وتحسين اليوم ومخرجاته .



يقال أن الاستراتيجيات للشركات والمنظمات فقط لكن الأمر ليس كذلك , بل للأفراد والشركات ولكل من يسعى إلى تحقيق هدف يمكن قياسه . حينما تود الحصول على منصب قيادي في عملك فأنت تعلم عليك الحصول على درجة الماجستير أو أن تكون لديك خبرة فوق 10 سنوات في نفس المجال وتضع في خطتك للحصول على هذا المنصب الحصول على درجة الماجستير وأنت تعلم أنه ربما لا تحصل على هذا المنصب لسبب ما , لكنك على يقين أنك لن تحصل على هذا المنصب بدون درجة الماجستير . 


التفكير الاستراتيجي لا يقتصر على حياتك المهنية فقط بل يمتد إلى جميع أجزاء حياتك , كقولك أريد أن أحفظ القران الكريم فأنت تكتب خطة لذلك توضح فيها كم ستحفظ كل يوم وعلى أي شيخ ستقرأ وكم يستغرق ذلك من الوقت , فالتفكير الاستراتيجي يقاس على جميع أركان حياتك .


اختلاف المسميات قد يشوش على الشخص فلربما قابلت شخص يسميها رؤيتك وأخر يسميها أهدافك وأخر يقول خطوات وثالث يقول تكتيكات لكن مقياس ذلك هو الانتقال من الصورة الكبيرة إلى الصورة الصغير , ومن المدى البعيد إلى المدى القريب . وما هي الخطوات التي ستقودك إلى إنجازها في نهاية الأمر  . لنتحدث على المستوى الشخصي أنت تريد أن تصبح لاعب كمال أجسام كمعظم الشباب في وقتنا الحالي هل يكفي أن تقرأ عن لعبة كمال الأجسام وتبدأ في عمال نظام غذائي وبعدها ستصبح من أبطال لعبة كمال الأجسام  والسؤال هو كيف تصبح لاعب كمال أجسام وفي الإجابة توجد الاستراتيجية . والاستراتيجية أن تكون واضح ومحدد في الخطوات والاختيار والوقت وأن يكون قابل للقياس . 


خصص وقتاَ للتفكير الاستراتيجي  في أسبوعك  قم بتحديد ساعة واحدة بشكل مستمر دون أي مشتتات . وتأكد بعض الأهداف والأحلام تحتاج إلى مراجعة باستمرار وتحديد مدى تقدمك من عدمه , وفي بعض الظروف ربما قد تلجأ لتغير الاستراتيجية . 


لكي تكون مفكرا استراتيجيا لا يمكنك فقط التفكير في المستقبل وتحديد الخطوات والوقت وآلية التنفيذ بل عليك التفكير في الماضي وتحليله والتعلم منه , وليس المكوث فيه طويلاُ والبكاء على اللبن المسكوب , بل للتقييم والتحليل والتعلم وعدم ارتكاب نفس الأخطاء مجدداُ . 


الاستراتيجية مهمة لكن يجب أن تكون استراتيجية صحيحة بمعنى أن تكون المدخلات والفرضيات صحيحة بنسبة كبيرة نعم لا نعلم الغيب لكن لابد أن تكون المعطيات صحيحة جدا وواقعية .


إن الاستراتيجية الجيدة من ناحية نظرية لا تساعد كثيرا في أرض الواقع , ولو عدنا لمثال حفظ القران الكريم وقلت إنني سأحفظ كل يوم جزء من القران الكريم وأنا أعمل في اليوم الواحد 8 ساعات وأقضي ساعتان يوميا للسير في الطرقات و8 ساعات آخري للنوم وساعة ونصف لأداء الصلوات وساعة للطعام ونص ساعة للقراءة وساعتان للتدبر أمور المنزل والأسرة هذا مجموعه 23 ساعة رغم تجاهل بعض الأمور , هل من الممكن أن أحفظ جزء كامل من القران الكريم خلال ساعة ؟ 

بالتأكيد لا ,  التفكير الاستراتيجي مهم ولكن فقط إذا كان واقعيا ويمكن تحقيقه. لهذا السبب عليك الحصول على التفاصيل بشكل صحيح. 


لسنوات كانت مشكلتي الأبدية مع بعض الأصدقاء هي عدم إمكانية قياس نجاحك , الأشياء المبهمة لا تتحقق ولا تقاس ! , وهناك اقتباس مشهور للملاكم مايك تايسون يقول "كل شخص لديه خطة حتى عدد اللكمات في الفم."  , لذاك عليك التحديد بدقة وبكل التفاصيل وعدم تجاهل أي أمر قد تراه غير مهم عند وضعك للاستراتيجية .


أخيرا عليك مراجعة الاستراتيجية كل شهرين أو ثلاثة أشهر وعليك الارتجال في بعض الأحيان وعدم التقيد بالخطة وتكمن القيمة الحقيقية للتفكير الاستراتيجي أنه لا يتعلق بالخطة الثابتة فقط بل بالقدرة على التفكير بطريقة استراتيجية تتكيف مع الظروف المتغيرة والطارئة . 




ِِِشــــــــــــــــــــكرا َ لوقتك الثمين 🙂

 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أهم الكلمات بحرف H

أهم 20 كلمة تبدأ بحرف A

كتاب أساسيات المبيعات